افتتاحية العدد 308 :كيف تفقد بعض الأحزاب مصداقيتها؟

بقلم الاستاد لحسن مديح

الامين العام لحزب الوسط الاجتماعي

 

لاشك أن المواطن المتتبع لظروف وملابسات مشروع قانون تكميم الأفواه 22.20، أو بمعنى أدق مشروع قانون مصادرة حرية التعبير والرأي وتعدده، سيلاحظ وبعد اطلاع الرأي العام على المشروع شيئين إثنين :

– أن المشروع أدرج فى جدول أعمال المجلس الحكومي ليوم 20/03/19 الذي تقررت فيه حالة الطوارىء، والحال أن اهتمام المغاربة منصب على الحالة الوبائية التى تجتاح البلاد لا يفكرون إلا فى الوسائل المادية والمعنوية لمواجهته، فى حين أن الأحزاب المشكلة للحكومة تترصد المواطن وتنتهز الفرصة لقرصنة وحرمانه من حقه فى التعبير، خصوصا وأنهم عاجزون عن اتخاذ أي إجراء لمواجهة كورونا، والدليل على كلمة رئيس الحكومة المتلفزة، حيث لم يقدم إلا وعدا بتشكيل لجان ولجينات دون تحديد سقف زمني، كأن الأمر يتعلق بتسيير إحدى الجمعيات، إذ لولا التدخل الحاسم لصاحب الجلالة لكان مصير البلاد بيد اللجان التى كانت ستؤدي إلى الكارثة.

ويظهر أن التعجيل بهذا المشروع كان الغرض منه إسكات جميع من سينتقد معالجتهم لجائحة كورونا مستقبلا، وهذا ليس جديدا عليهم، إذ سبق أن استصدروا بنفس الطريقة ترسانة من القوانين الانتخابية وغيرها، مكنتهم من الاستيلاء على المشهد السياسى بممارستهم ديكتاتورية التشريع.

– مادام المشروع تمت المصادقة عليه بسرعة وبعجالة، فقد أصبح من حق المواطن أن يطلع عليه، إلا أنهم غضبوا لأنهم كانوا متفقين على استغفال المواطن وتمرير القانون، مادام البرلمان حزبي يساند الحكومة سيستغل ظروف الجائحة، حيث يجتمع بعدد قليل بعدد قليل من البرلمانيين، وربما يصوت بوكالات، وسيمر المشروع بسرعة وسلاسة، بهذا الشكل يبقى المواطن فى دار غفلون، وبما أن (الهمزة طارت) فتناحرت الأحزاب المعنية لتحديد مسؤولية من أفشل الخطة وضيع فرصة إسكات المواطن، ولم يتكلموا عن حقوق المواطن التى يضمنها الدستور ويسعون إلى حرمانه منها.

والحقيقة المؤسفة أن الأحزاب التى بنت رأسمالها على التعددية وحرية التعبير، وحاربت ظهير كل ما من شأنه وباقي الظهائر، تسعى اليوم بكل بساطة إلى مسح حرية التعبير بعد أن استأنس بها المغاربة.

إن المشروع ليس بهذه البساطة لينسب إلى شخص واحد أو حزب واحد، إنه اتفاق جميع الأحزاب المشكلة للحكومة دون إغفال تداخل المصالح، والغرابة تتجلى في خروج هذه الأحزاب للرأي تتبرأ وتندد بالمشروع وتطالب بسحبه وتتوعد بمعارضته.

إننا فى المغرب لا نحتاج أجهزة التنفس لمواجهة الجائحة بقدر ما نحتاج إلى أطباء من نوع خاص.

غير أننا لا نشك، ولو للحظة واحدة، في أن المناضلين وشرفائهم لا يسيرون فى هذا الاتجاه أو يؤيدونه.

التعليقات مغلقة.