كلمة العدد 263 مستقبل‭ ‬الخليج‭ ‬الغامض بقلم الاستاد الحسن مديح

 

بقلم الاستاد الحسن مديح

مستقبل الخليج الغامض

نحن في المغرب نعيش ونتتبع مشاكل الشرق والخليج كأنها مشاكلنا، والحال أننا نختلف عنهم، ونختلف معهم في عدة أشياء ومواقف، والنظرة إلى الأمور وكيفية معالجتها.

إن الاهتمام الذي نوليه لوضعية الخليج، ناتج عن الاشتراك معهم في اللغة والدين، وفي زمن معين كنا مستلبين لا نقرأ الأدب، والشعر إلا للمشارقة، ولو كان أدبا وشعرا، يرجع إلى ما قبل الاسلام بقرون، الحال أن لديها عظماء الثقافة،  والشعر،  والعلم والقيادات السياسية، ما يغطي الآفاق، ومعروفين دوليا. هذا هو الارتباط القديم الذي لازال يشدنا إلى الشرق، نبحث عن أخباره ومواقفه السياسية ومعاركه المختلفة.

ولا يختلف إثنان في صعوبة فهم المشاكل الحقيقية، والمسائل النزاعية بين أقطاب الشرق والخليج خاصة.

فكل مدافع عن وجهة نظره من محطاته التلفزية الضخمة بشكل يجعل المتتبع المحايد مثلنا، حائرا لا يستطيع تكوين رأي، أو اتخاذ مواقف من هذا أو ذاك.

هؤلاء يعلنونها  مسألة دينية عقائدية تهدف إلى الهيمنة والسيطرة، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة.

وآخرون يؤسسون ممارستهم على المناورة والرفض للمعسكر الغربي، واتخاذه في الشرق الأوسط، فمن نصدق؟

وطرف ثالث يؤكد أن هؤلاء المتصارعين يخفون الحقيقة، إذ أن الأمر يتعلق بمنابع النفط والغاز، وما يرتبط بهما من أموال ورساميل ضخمة، إذ يتفق المتنازعون على مسألة ويختلفون على أخرى، والمبررات موجودة وجاهزة.

ولكن نحن في المغرب، بحكم الارتباط الروحي بالمشرق، نضع أيدينا على قلوبنا، حين تقرع طبول الحرب بشتى الوسائل، متأكدين أن المشرق العربي على الخصوص عانى من ويلات الحروب ما يكفيه ، إذ أن الانسان العربي أصبح أميا متخلفا محاصرا يعيش أطفاله المآسي، والحال أن دولهم من أغنى الدول، قادرة على محو الفقر والأمية والتوجه الى المجال العلمي عبر تأسيس الجامعات وبحوث تستفيد منها الانسانية.

وإذا استحضرنا الخطوات الجبارة، والتقدم العلمي والحضاري والاجتماعي الذي حققته الدول الأوربية بعد الحرب العالمية الثانية، وقد خرجت منها جل هذه الدول منهكة اقتصاديا، هدمت مدنها ومصانعها ومعاملها، إلا أنها استطاعت أن تبني كل شيء، بل تحقق انجازات علمية تستفيد منها الانسانية جمعاء.

هذه الدول التي حاربت بعضها البعض، خلال الحربين العالميتين أتت على اليابس والأخضر في فترة أقل من خمسين سنة، وفي النهاية أسسوا وحدة أوروبية سياسية، اقتصادية واجتماعية، تجمعهم كلمة واحدة، وموقف واحد. كل ذلك عبر الحوار الداخلي والمصارحة، والنية الحسنة.

أعتقد أن الشرق العربي عليه أن يفتح حوارا بين مكوناته، لضمان استقرار المنطقة.

 دافعنا في النصح هذه الغيرة والعواطف الصادقة التي نحملها للشرق العربي، الذي تربينا على أننا جزءا منه.

التعليقات مغلقة.