الذباب الجاهلى بدل الشعر الجاهلى
كلمة العدد 306 بقلم الأستاذ لحسن مديح
الأمين العام لحزب الوسط الإجتماعي
لقد اطلعنا من خلال دراساتنا – نحن الجيل الذي أتى بعد تحرر واستقلال الشعوب – وعلى الخصوص ما اصطلح عليه بالمشرق العربى، اطلعنا على الأدب الجاهلى من أشعار ونثر ومعلقات، تروي الفخر والبطولات والمعارك والجيوش الجرارة التى لا أول ولا آخر لها، تصف الانتصارات الكبيرة على الأعداء وإدلالهم بسبي نسائهم وأطفالهم وبيعها.
وعندما لا تكون هناك حرب فإن الشعر يتكلف بالتنقيص من العدو وتسليط جل المصائب والمنايا عليه.
وكان الغرض من دراسة البطولات الجاهلية تهيىء المجال لبروز والتأسيس لقومية لا نية لمؤسسيها في ذلك.
غير أننا ونحن صغار كنا ندرك أن البطولات والمعارك والانتصارات الكبرى هي أحلام غير واقعية لا تظهر إلا في المجالس التى تدور فيها المعتقة.
وبهذا الشكل كانوا ينتصرون ويفرحون لانتصاراتهم فى الأحلام كأنها انتصارات حقيقية.
فلا هم أسسوا للعلم أو أسسسوا وبنوا قوميتهم قطعت الأمم والقوميات أشواطا واستفادت منها الإنسانية، فى حين ظلوا على حالهم يحلمون ويلعبون ويلهثون وراء كل إشعاع أو بريق مهما كان فارغا.
وماذا تغير ونحن فى القرن الواحد والعشرون لا شيء، لازالوا يحلمون بالانتصارات ويهزمون أعداءهم وهم فى محيطهم المخملي، بعد أن استبدلوا الشعر الجاهلى بالذباب الجاهلي، حيث كلفوه بخلق خسائر وإخفاقات لدى أعدائهم.
التعليقات مغلقة.